الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وهو يرجع إلى ما بيناه في القول الذي قبله.وقد خبط صاحب الكشاف في إلصاق هذه الروايات بمن يسميهم الحشوية والمجْبرة، وهو يعني الأشاعرة، وغض بصره عن أسماء من عزيت إليهم هذه التّأويلات (رمتني بدائها وانسلت) ولم يتعجب من إجماع الجميع على محاولة إخوة يوسف عليه السّلام قتلَه والقتلُ أشد. والرؤية: هنا عِلمية لأن البرهان من المعاني التي لا ترى بالبصر. والبرهان: الحجة.وهذا البرهان من جملته صرفهُ عن الهمّ بها، ولولا ذلك لكان حال البشرية لا يسلم من الهمّ بمطاوعتها في تلك الحالة لتوفّر دواعي الهمّ من حسنها، ورغبتها فيه، واغتباط أمثاله بطاعتها، والقرب منها، ودواعي الشباب المسولة لذلك، فكان برهان الله هو الحائل بينه وبين الهمّ بها دون شيء آخر.واختلف المفسرون في ما هو هذا البرهان، فمنهم من يشير إلى أنه حجة نظرية قبّحت له هذا الفعل، وقيل: هو وحي إلهي، وقيل: حفظ إلهي، وقيل: مشاهدات تمثلت له.والإشارة في قوله: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} إلى شيء مفهوم مما قبله بتضمنه قوله: {رأى برهان ربّه}، وهو رأي البرهان، أي أريناه كذلك الرأي لنصرف عنه السوء.والصرف: نقل الشيء من مكان إلى مكان، وهو هنا مجاز عن الحفظ من حلول الشيء بالمحل الذي من شأنه أن يحل فيه.عبر به عن العصمة من شيء يوشك أن يلابس شيئًا.والتعبير عن العصمة بالصرف يشير إلى أن أسباب حصول السوء والفحشاء موجودة ولكن الله صرفهما عنه.والسوء: القبيح، وهو خيانة من ائتمنه.والفحشاء: المعصية، وهي الزنى.وتقدم السوء والفحشاء عند قوله تعالى: {إنما يأمركم بالسوء والفحشاء} في سورة البقرة (169).ومعنى صرفهما عنه صرف ملابسته إياهما.وجملة: {إنه من عبادنا المخلصين} تعليل لحكمة صرفه عن السوء والفحشاء الصرف الخارق للعادة لئلا ينتقص اصطفاء الله إياه في هذه الشدة على النفس.قرأ نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف: {المخلَصين} بفتح اللام أي الذين أخلصهم الله واصطفاهم.وقرأه ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب بكسر اللام على معنى المخلصين دينهم لله.ومعنى التعليل على القراءتين واحد. اهـ.
.قال الشنقيطي: وقوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} الآية.ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هم بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت هي به منه. ولكن القرآن العظيم بين براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لا ينبغي حيت بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة ببراءته، وشهادة الله له بذلك واعتراف إبليس به.أما الذين لهم تعلق بتلك الواقعة فهم: يوسف، والمرأة، وزوجها، والنسوة، والشهود.أما حزم يوسف بأنه بريء من تلك المعصية فذكره تعالى في قوله: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي} [يوسف: 26] وقوله: {قَالَ رَبِّ السجن أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} [يوسف: 33] الآية.وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة: {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم} [يوسف: 32] وقولها: {الآن حَصْحَصَ الحق أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصادقين} [يوسف: 51].وأما اعتراف زوج المرأة ففي قوله: {قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا واستغفري لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخاطئين} [يوسف: 28-29].وأما اعتراف الشهود بذلك ففي قوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ} [يوسف: 26] الآية.وأما شهادة الله جل وعلا ببراءته ففي قوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السوء والفحشاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين} [يوسف: 24].قال الفخر الرازي في تفسيره: قد شهد الله تعالى في هذه الآية الكريمة على طهارته أربع مرات:أولها-: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السوء} [يوسف: 24] واللام للتأكيد والمبالغة.والثاني- قوله: {والفحشاء} [يوسف: 24] أي وكذلك لنصرف عنه الفحشاء.والثالث- قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَاَ} [يوسف: 24] مع أنه تعالى قال: {وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَمًا} [الفرقان: 63].والرابع- قوله: {المخلصين} [يوسف: 24] وفيه قراءتان: قراءة باسم الفاعل. وأخرى باسم المفعول.فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتيًا بالطاعات والقربات مع صفة الإخلاص.ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه، واصطفاه لحضرته.وعلى كلا الوجهين: فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزهًا عما أضافوه إليه. اه من تفسير الرازي.ويؤيد ذلك قوله تعالى: {مَعَاذَ الله إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [يوسف: 23].وأما إقرار إبليس بطهارة يوسف ونزاهته ففي قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: 82- 83] فأقر بأنه لا يمكنه إغواء المخلصينن ولا شك أن يوسف من المخلصين، كما صرح تعالى به في قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين} [يوسف: 24] فظهرت دلالة القرآن من جهات متعددة على براءته مما لا ينبغي.وقال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية ما نصه: وعند هذا نقول: هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف عليه السلام هذه الفضيحة، إن كانوا من أتباع دين الله تعالى فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته، وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فلبقبلوا شهادة إبليس على طهارته.ولعلهم يقولون: كنا في أول الأمر تلامذة إبليس، إلى أن تخرجنا عليه فزدنا في السفاهة عليه. كما قال الخوارزمي:فثبت بهذه الدلائل: أن يوسف عليه السلام بريء مما يقول هؤلاء الجهال. اه كلام الرازي.ولا يخفى ما فيه من قلة الأدب مع من قال تلك المقالة من الصحابة وعلماء السلف الصالح! وعذر الرازي في ذلك هو اعتقاده أن ذلك لم يثبت عن أحد من السلف الصالح.وسترى في آخر هذا المبحث أقوال العلماء في هذه المسألة إن شاء الله تعالى.فإن قيل: قد بينتم دلالة القرآن على براءته عليه السلام مما لا ينبغي في الآيات المتقدمة. ولكن ماذا تقولون في قوله تعالى: {وَهَمَّ بِهَا}؟فالجواب من وجهين:الأول- إن المراد بهم يوسف بها خاطر قلبي صرف عنه وازع التقوى. وقال بعضهم: هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى، وهذا لا معصية فيه. لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف. كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول:«اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك» يعني ميل القلب الطبيعي.ومثال هذا ميل الصائم بطبعه إلى الماء البارد، مع أن تقواه تمنعه من الشرب وهو صائم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة» لأنه ترك ما تميل إليه نفسه بالطبع خوفًا من الله، وامتثالًا لأمره، كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النفس عَنِ الهوى فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى} [النازعات: 40- 41].وهم بني حارثة وبني سلمة بالفرار يوم أحد، كهم يوسف هذا، بدليل قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ والله وَلِيُّهُمَا} [آل عمران: 122] لأن قوله: {والله وَلِيُّهُمَا} يدل على أن ذلك الهم ليس معصية، لأن اتباع المعصية بولاية الله لذلك العاصي إغراء على المعصية.والعرب تطلق الهم وتريد به المحبة والشهوة، فيقول الإنسان فيما لا يحبه ولا يشتهيه: هذا ما يهمني، ويقول فيما يحبه ويشتهيه: هذا أهم الأشياء إلي، بخلاف هم امرأة العزيز، فإنه هم عزم وتصميم، بدليل أنها شقت قميصه من دبر وهو هارب عنها، ولم يمنعها من الوقوع فيما لا ينبغي إلا عجزها عنه.ومثل هذا التصميم على المعصية: معصية يؤاخذ بها صاحبها، بدليل الحديث الثات في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكرة:«إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قالوا يا رسول الله قد عرفنا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» فصرح صلى الله عليه وسلم بأن تصميم عزمه على قتل صاحبه معصيه أدخله الله بسببها النار.وأما تأويلهم هم يوسف بأنه قارب الهم ولم يهم بالفعل، كقول العرب: قتلته لو لم أخف الله، أي قاربت أن اقتله، كما قاله الزمخشري.وتأويل الهم بأنه هم بضربها، أو هم بدفعها عن نفسه، فكل ذلك غير ظاهر، بل بعيد من الظاهر ولا دليل عليه.والجواب الثاني- وهو اختيار أبي حيان: أن يوسف لم يقع منه هم أصلًا، بل هو منفى عنه لوجود البرهان.قال مقيدة عفا الله عنه: هذا الوجه الذي اختاره أبو حيان ةغيره هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية، لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب: أن الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه، كقوله: {فَعَلَيْهِ توكلوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} [يونس: 84] اي إن كنتم مسلمين فتوكلوا عليه، فالأول: دليل الجواب المحذوف لا نفس الجواب، لأن جواب الشروط وجواب: {لَوْلاَ} لا يتقدم، ولكن يكون المذكور قبله دليلًا عليه كالآية المذكورة. وكقوله: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] أي إن كنتم صادقين فهاتوا برهانكم.وعلى هذا القول: فمعنى الآية، وهم بها لولا رأى برهان ربه، أي لولا أن رآه هم بها. فما قبل: {لولا} هو دليل الجواب المحذوف، كما هو الغالب في القرآن واللغة.ونظير ذلك قوله تعالى: {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لولا أَن رَّبَطْنَا على قَلْبِهَا} [القصص: 10] فما قبل: {لَوْلاَ} دليل الجواب. أي لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.واعلم أن جماعة من علماء العربية أجازوا تقديم جواب: {لولا} وتقديم الجواب في سائر الشروط: وعلى هذا القول يكون جواب: {لَوْلاَ} في قوله: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} هم ما قبله من قوله: {وَهَمَّ بِهَا}.وإلى جواز التقديم المذكور ذهب الكوفيون، ومن أعلام البصريين: ابو العباس المبرد، وأبو زيد الأنصاري.وقال الشيخ أبو حيان في البحر المحيط ما نصه: والذي اختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه هم بها ألبتة، بل هو منفى لوجود رؤية البرهان. كما تقولك لقد قارفت لولا أن عصمك الله. ولا نقول: إن جواب: {لولا} متقدم عليها، وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك، بل صريح أدوات الشروط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها. وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون، ومن أعلام البصريين: أبو زيد الأنصاري، وأبو العباس المبرد.بل نقول: إن جواب: {لَولاَ} محذوف لدلالة ما قبله عليه، كما يقول جمهور البصريين في قول العرب: انت ظالم إن فعلت.فيقدرونه إن فعلت فأنت ظالم. ولا يدل قوله أنت ظالم على ثبوت الظلم. بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل، وكذلك هنا التقدير: لولا أن رأى برهان ربه لهم بها، فكان وجود الهم على تقدير انتفاء رؤية البرهان، لكنه وجد رؤية البرهان فانتفى الهم، ولا التفات إلى قول الزجاج. ولو كان الكلام: ولهم بها كان بعيدًا، فكيف مع سقوط اللام؟ لأنه يوهم أن قوله: {وَهَمَّ بِهَا} هو جواب: {لولا} ونحن لم نقل بذلك، وإنما هو دليل الجواب. وعلى تقدير أن يكون نفس الجواب فاللام ليست بلازمة، لجواز أن يأتي جواب: {لولا} إذا كان بصيغة الماضي بالام. وبغير لام تقول: لولا زيد لأكرمتك. ولولا زيد أكرمتك. فمن ذهب إلى أن قوله: {هَمَّ بِهَا} نفس الجواب لم يبعد. ولا التفات لقول ابن عطية: إن قول من قال: إن كلام قد تم في قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ} وإن جواب: {لولا} في قوله: {وَهَمَّ بِهَا} وإن المعنى: لولا أن راى برهان ربه لهم بها، فلم يهم يوسف عليه السلام. قال: وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف اه. أما قوله: يرده لسان العرب فليس كما ذكرز وقد استدل من ذهب إلى جواز ذلك بوجوده في لسان العرب، قال الله تعالى: {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لولا أَن رَّبَطْنَا على قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ المؤمنين} [القصص: 10] فقوله: {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِه} [القصص: 10]: إما أن يتخرج على أن الجواب على ما ذهب إليه ذلك القائل، وإما أن يتخرج على ما ذهبنا إليه من أنه دليل الجواب، والتقدير: لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.وأما أقوال السلف: فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء من ذلك، لأنها اقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضًا، مع كونها قادحة في بعض فساق المسلمين فضلًا عن المقطوع لهم بالعصمة.والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب. لأنهم قدروا جواب: {لَوْلاَ} محذوفًا ولا يدل عليه دليل. لأنهم لم يقدروا لهم بها ولا يدل كلام العرب إلى على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط. لأن ما قبل الشرط دليل عليه اه. محل الغرض من كلام أبي حيان بلفظه.وقد قدمنا أن هذا القول هو أجرى الأقوال على لغة العرب، وإن زعم بعض العلماء خلاف ذلك.فبهذين الجوابين نعلم أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بريء من الوقوع فيما لا ينبغي، وأنه إما أن يكون لم يقع منه أصلًا بناء على أن الهم معلق بأداة الامتناع التي هي: {لَوْلاَ} على انتفاء رؤية البرهان، وقد رأى البرهان فانتفى المعلق عليه، وبانتفائه ينتفي المعلق الذي هو همه بها كما تقدم إيضاحه في كلام أبي حيان.وإما أن يكون همه خاطرًا قلبيًا صرف عنه وازع التقوى، أو هو الشهوة والميل الغريزي المزموم بالتقوى كما أوضحناه. فيهذا يتضح لك أن قوله: {وَهَمَّ بِهَا} لا يعارض ما قدمنا من الآيات على براءة يوسف من الوقوع فيما لا ينبغي.فإذا علمت مما بينا دلالة القرآن العظيم على براءته مما لا ينبغي، فسنذكر لك أقوال العلماء الذين قالوا: إنه وقع منه بعض ما لا ينبغي، وأقوالهم في المراد (بالبرهان) فنقول: قال صاحب الدر المنثور في التفسير بالمأثور: اخرج عبد الرزاق، والفريابين وسعيد بن منصور وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما همت به تزينت ثم استلقت على فراشها، وهم بها جلس بين رجليها يحل تبانه نودي من السماء يا ابن يعقوب، لا تكن كطائر ينتف ريشه فيبقى لا ريش له فلم يتعظ على النداء شيئًا، حتى رأى برهان ربه جبريل عليه السلام في صورة يعقوب غاصًا على أصبعيه. ففزع فخرجت شهوته من أنامله، فوثب إلى الباب فوجده مغلقًا، فرفع يوسف رجله فضرب بها الباب الأدنى فانفرج له، واتبعته فأدركته، فوضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه، فألفيا سيدها لدى الباب.
|